التراث العلمي العربي شيء من الماضي أم زاد للآتي؟
وضُحَ
ممَّا سَبق شيءٌ من أسباب الاهتمام بمخطوطات العلوم الإنسانية، ولكن قد
يتسائل البعضُ عن جدوى الاهتمام بمخطوطات العلوم التطبيقيَّة في عصرنا هذا
بتطورُّه العِلمي، وتقنياته الحديثة، وهذا ما حاول أن يُجيبَ عليه الدكتور
أحمد فؤاد باشا، أستاذ العلوم بجامعة القاهرة، وهو من المهتمِّين بالتراث
العِلمي العربي، في بحثه الماتع: "التراث العلمي العربي، شيءٌ من الماضي
أم زاد للآتي؟"، الذي نقتبس منه ما يلي - بتصرف -:
شهدتِ العقودُ
الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بعلوم الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة من
الدَّارِسين العرب والمسلمين، ومِن المستشرقين والفلاسفة، ومؤرِّخي العِلم
الغربيِّين، على حدٍّ سواء، ولكن البعض يتساءَلُ أحيانًا عن جدوى البحثِ
في كتبٍ قديمة تعودُ بنا إلى الوراء ألفَ عام أو يزيد، ولماذا نبذلُ كلَّ
هذه الجهود المضنية في عملية رَصْد المخطوطات وجمعها، وفهرستها وترميمها
وحِفْظها، ثم في تحقيق نصوصِها ومعالجة نماذجها، نَسْخًا وقراءة وحلاًّ
لمشكلاتها، واستجلاءً لغوامضها، ثم في تناولها بالدِّراسة والتحليل؛ بحثًا
عمَّا يمكن أن تتضمَّنه من معلومات قد تُفيد أو لا تُفيد؟
ثم يقول:
وأنصارُ هذا الاتِّجاه في التعامل مع التراث العلمي - على قِلَّتهم -
يُنكرون الماضي تمامًا، ويَزْدَرون أيَّ محاولة لإحياء تراثه، ويوجد في
ساحة الفِكْر العربي مَن يتبنَّى هذا الموقفَ الرافض لأيِّ ربط بين
التاريخ والحاضر، بحجة أنّه لا يصمدُ أمامَ أيِّ تحليل عقلي دقيق، حتى وإن
كان يُفيد في استنهاض الهِمم ورَفْع المعنويات، فليس في التاريخ البشري -
فيما يزعمون - أمجادٌ معنوية تتحوَّل إلى جزء من (الجينات) المكوِّنة
لشعب، وتظلُّ كامنة في أفرادِه على شكل استعداد للنُّهوض ينتظر اللحظةَ
المناسبة لكي يصبحَ واقعًا متحقِّقًا، بل إنَّ هناك - بكلِّ أسف - من
أبناء جِلدتنا - نحن معشرَ العرب والمسلمين - من يُعلن صراحةً أنَّ إحياء
التراثِ إنَّما يكون بقتلِه.
ويُنبَّهُ إلى أنَّ قضية الدِّفاعِ عن
التراث العلمي وأهميَّته من القضايا التي تُثار بين الحِين والحين في
مؤتمرات وندوات عالميَّة، وأنَّ الحديثَ عنها مرتبطٌ بمبحث تاريخ وفلسفة
العِلم، وأنَّ الغرب يرصُد الإمكانياتِ والأموالَ والأوقات؛ لإحياءِ
التراث العِلمي الغربي، وضَرَب على ذلك أمثلةً؛ منها: أعمال عالِم
الرياضيات (كوشي) الذي استغرق إصدارُها أكثرَ من خمسين عامًا، و(برنوللي)
الذي تعاونتْ في إصدار أعمالِه أكثرُ من سبع دول، لجأتْ إلى الاكتتاب
العام.
وضُحَ
ممَّا سَبق شيءٌ من أسباب الاهتمام بمخطوطات العلوم الإنسانية، ولكن قد
يتسائل البعضُ عن جدوى الاهتمام بمخطوطات العلوم التطبيقيَّة في عصرنا هذا
بتطورُّه العِلمي، وتقنياته الحديثة، وهذا ما حاول أن يُجيبَ عليه الدكتور
أحمد فؤاد باشا، أستاذ العلوم بجامعة القاهرة، وهو من المهتمِّين بالتراث
العِلمي العربي، في بحثه الماتع: "التراث العلمي العربي، شيءٌ من الماضي
أم زاد للآتي؟"، الذي نقتبس منه ما يلي - بتصرف -:
شهدتِ العقودُ
الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بعلوم الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة من
الدَّارِسين العرب والمسلمين، ومِن المستشرقين والفلاسفة، ومؤرِّخي العِلم
الغربيِّين، على حدٍّ سواء، ولكن البعض يتساءَلُ أحيانًا عن جدوى البحثِ
في كتبٍ قديمة تعودُ بنا إلى الوراء ألفَ عام أو يزيد، ولماذا نبذلُ كلَّ
هذه الجهود المضنية في عملية رَصْد المخطوطات وجمعها، وفهرستها وترميمها
وحِفْظها، ثم في تحقيق نصوصِها ومعالجة نماذجها، نَسْخًا وقراءة وحلاًّ
لمشكلاتها، واستجلاءً لغوامضها، ثم في تناولها بالدِّراسة والتحليل؛ بحثًا
عمَّا يمكن أن تتضمَّنه من معلومات قد تُفيد أو لا تُفيد؟
ثم يقول:
وأنصارُ هذا الاتِّجاه في التعامل مع التراث العلمي - على قِلَّتهم -
يُنكرون الماضي تمامًا، ويَزْدَرون أيَّ محاولة لإحياء تراثه، ويوجد في
ساحة الفِكْر العربي مَن يتبنَّى هذا الموقفَ الرافض لأيِّ ربط بين
التاريخ والحاضر، بحجة أنّه لا يصمدُ أمامَ أيِّ تحليل عقلي دقيق، حتى وإن
كان يُفيد في استنهاض الهِمم ورَفْع المعنويات، فليس في التاريخ البشري -
فيما يزعمون - أمجادٌ معنوية تتحوَّل إلى جزء من (الجينات) المكوِّنة
لشعب، وتظلُّ كامنة في أفرادِه على شكل استعداد للنُّهوض ينتظر اللحظةَ
المناسبة لكي يصبحَ واقعًا متحقِّقًا، بل إنَّ هناك - بكلِّ أسف - من
أبناء جِلدتنا - نحن معشرَ العرب والمسلمين - من يُعلن صراحةً أنَّ إحياء
التراثِ إنَّما يكون بقتلِه.
ويُنبَّهُ إلى أنَّ قضية الدِّفاعِ عن
التراث العلمي وأهميَّته من القضايا التي تُثار بين الحِين والحين في
مؤتمرات وندوات عالميَّة، وأنَّ الحديثَ عنها مرتبطٌ بمبحث تاريخ وفلسفة
العِلم، وأنَّ الغرب يرصُد الإمكانياتِ والأموالَ والأوقات؛ لإحياءِ
التراث العِلمي الغربي، وضَرَب على ذلك أمثلةً؛ منها: أعمال عالِم
الرياضيات (كوشي) الذي استغرق إصدارُها أكثرَ من خمسين عامًا، و(برنوللي)
الذي تعاونتْ في إصدار أعمالِه أكثرُ من سبع دول، لجأتْ إلى الاكتتاب
العام.