حواديت - يافطة ومباراة ,,, بقلم / د. أسامة الفرا
نحن الفلسطينيين نستنكر عرض بيع 50% من أسهم قناة الجزيرة على رجل أعمال إسرائيلي، هذه الكلمات كتبت على يافطة وعلقت في عدة مواقع بمدينة رام الله، اليافطة أثارت حفيظة قناة الجزيرة الفضائية وسارعت لنفي ما جاء بها، اليافطة التي لم يذيلها توقيع لم تبحث عن مصير الصفقة التي تناولتها مسبقاً بعض وسائل الإعلام، ولم تكن بحاجة إلى تأكيد الخبر أو نفيه من قبل قناة الجزيرة، بل هدفت إلى إيصال رسالة لمالكي القناة والقائمين عليها، رسالتها أن الكثير ما تتناقله القناة الفضائية يأتي متناغماً مع ما تسعى لترويجه آلة الإعلام الإسرائيلية، صحيح أن الجزيرة تفرد مساحة واسعة لفضح ممارسات الاحتلال، ولكنها في الوقت ذاته يرجع لها الكثير من الفضل في تعميق الخلاف الفلسطيني وتكريس الانقسام، قد يحاول البعض تبرير ذلك ضمن حرية التعبير وفي ذلك تضليل لا تتحمل الحرية سلبياته، من الواضح أن اقتحام العرب لعالم الفضاء الإعلامي أفقد توازن العديد من العاملين به، حتى خيل إليهم أن عملهم لا تحكمه ضوابط ولا أخلاقيات للمهنة، ومنطلقين من فضائهم الذي غابت عنه قوة جاذبية المبادئ والقيم، يدفعنا هذا الحديث لتناول مباراة مصر والجزائر المقرر لها اليوم في العاصمة المصرية، المباراة رغم أهميتها في تحديد المتأهل لكاس العالم منهما، إلا أن الحملة الإعلامية بل الحرب التي شنتها وسائل الإعلام أخرجت المباراة عن مسارها الرياضي، وانحرفت بها لما يهدد العلاقة بين البلدين الشقيقين، ولسنا هنا بصدد البحث عمن أطلق شرارتها، بل نرصد بعض إرهاصاتها التي طالت تاريخ وحضارة وثقافة البلدين، فلم يقتصر حديث وسائل الإعلام على الجانب الرياضي رغم أن فرسانه من الضالعين فيه وثقافتهم تكاد تقتصر عليها، حيث شكك أحدهم بشهداء الثورة الجزائرية وعددهم، وفي المقابل ذهب الإعلام الجزائري بعيداً في تشويه ثقافة مصر ودورها الطليعي في خدمة القضايا العربية، والحرب الإعلامية بين البلدين لم تقتصر على الصحافة المرئية بل فاقتها في ذلك الصحافة المكتوبة، وتغلبت عليهما الشبكة العنكبوتية بما تتيحه من ردح وسب، المهم أن فلسطين هي الأخرى لم تكن غائبة عن هذه الحرب المخجلة، ورغم محاولة العقلاء من الطرفين احتواء الأمر وتطويقه، إلا أن واقع تمدد الحملة يشير لعجزهم عن ذلك، ومن الطبيعي أن تسهم الحملة في تسميم الأجواء وتحول مباراة كرة القدم إلى معركة مصيرية بين البلدين، تدخلت على أثرها مؤخراً وزارتا الخارجية في البلدين، ما بتنا نخشاه أن الحرب الإعلامية التي أغفل الطرفان مفعولها قد تقود إلى توتير العلاقة بين البلدين، وإن حصل ذلك وهذا ما لا نتمناه فإن الفضل فيه يرجع لوسائل الإعلام التي فقدت بوصلتها الأخلاقية وانجرفت وراء من يبحث عن بطولات وهمية على أنقاض العلاقة الأخوية بين الشعبين، كان على وسائل الإعلام قبل غيرها أن تضع المباراة في موقعها الطبيعي، حيث فوز الجزائر بالمباراة لن يغير من موقع مصر وتاريخها وثقلها العربي والإقليمي والدولي شيئاً، وكذلك الحال فوز مصر لن يقلل من قيمة الجزائر ولن يطفئ قنديل شهدائها الذين أناروا لشعبهم طريق الحرية وأمد الشعوب المقهورة بطاقة الاقتداء بهم.
لعل اليافطة والمباراة تفرضان علينا التوقف عند دور وسائل الإعلام وحريتها، فلا يعقل أن تواصل التحريض وتسميم العلاقات الأخوية تحت مظلة حرية التعبير، فحرية التعبير ومصداقيتها لا تبنى على أنقاض الأخلاق والضمير، وإن كنا نبحث عن إعلام جريء وصادق فهذا لا يعني أن نترك أدواته على الغارب دون حسيب أو رقيب، لأن ما تهدمه في أيام يحتاج منا لسنوات لإعادة ترميمه.
نحن الفلسطينيين نستنكر عرض بيع 50% من أسهم قناة الجزيرة على رجل أعمال إسرائيلي، هذه الكلمات كتبت على يافطة وعلقت في عدة مواقع بمدينة رام الله، اليافطة أثارت حفيظة قناة الجزيرة الفضائية وسارعت لنفي ما جاء بها، اليافطة التي لم يذيلها توقيع لم تبحث عن مصير الصفقة التي تناولتها مسبقاً بعض وسائل الإعلام، ولم تكن بحاجة إلى تأكيد الخبر أو نفيه من قبل قناة الجزيرة، بل هدفت إلى إيصال رسالة لمالكي القناة والقائمين عليها، رسالتها أن الكثير ما تتناقله القناة الفضائية يأتي متناغماً مع ما تسعى لترويجه آلة الإعلام الإسرائيلية، صحيح أن الجزيرة تفرد مساحة واسعة لفضح ممارسات الاحتلال، ولكنها في الوقت ذاته يرجع لها الكثير من الفضل في تعميق الخلاف الفلسطيني وتكريس الانقسام، قد يحاول البعض تبرير ذلك ضمن حرية التعبير وفي ذلك تضليل لا تتحمل الحرية سلبياته، من الواضح أن اقتحام العرب لعالم الفضاء الإعلامي أفقد توازن العديد من العاملين به، حتى خيل إليهم أن عملهم لا تحكمه ضوابط ولا أخلاقيات للمهنة، ومنطلقين من فضائهم الذي غابت عنه قوة جاذبية المبادئ والقيم، يدفعنا هذا الحديث لتناول مباراة مصر والجزائر المقرر لها اليوم في العاصمة المصرية، المباراة رغم أهميتها في تحديد المتأهل لكاس العالم منهما، إلا أن الحملة الإعلامية بل الحرب التي شنتها وسائل الإعلام أخرجت المباراة عن مسارها الرياضي، وانحرفت بها لما يهدد العلاقة بين البلدين الشقيقين، ولسنا هنا بصدد البحث عمن أطلق شرارتها، بل نرصد بعض إرهاصاتها التي طالت تاريخ وحضارة وثقافة البلدين، فلم يقتصر حديث وسائل الإعلام على الجانب الرياضي رغم أن فرسانه من الضالعين فيه وثقافتهم تكاد تقتصر عليها، حيث شكك أحدهم بشهداء الثورة الجزائرية وعددهم، وفي المقابل ذهب الإعلام الجزائري بعيداً في تشويه ثقافة مصر ودورها الطليعي في خدمة القضايا العربية، والحرب الإعلامية بين البلدين لم تقتصر على الصحافة المرئية بل فاقتها في ذلك الصحافة المكتوبة، وتغلبت عليهما الشبكة العنكبوتية بما تتيحه من ردح وسب، المهم أن فلسطين هي الأخرى لم تكن غائبة عن هذه الحرب المخجلة، ورغم محاولة العقلاء من الطرفين احتواء الأمر وتطويقه، إلا أن واقع تمدد الحملة يشير لعجزهم عن ذلك، ومن الطبيعي أن تسهم الحملة في تسميم الأجواء وتحول مباراة كرة القدم إلى معركة مصيرية بين البلدين، تدخلت على أثرها مؤخراً وزارتا الخارجية في البلدين، ما بتنا نخشاه أن الحرب الإعلامية التي أغفل الطرفان مفعولها قد تقود إلى توتير العلاقة بين البلدين، وإن حصل ذلك وهذا ما لا نتمناه فإن الفضل فيه يرجع لوسائل الإعلام التي فقدت بوصلتها الأخلاقية وانجرفت وراء من يبحث عن بطولات وهمية على أنقاض العلاقة الأخوية بين الشعبين، كان على وسائل الإعلام قبل غيرها أن تضع المباراة في موقعها الطبيعي، حيث فوز الجزائر بالمباراة لن يغير من موقع مصر وتاريخها وثقلها العربي والإقليمي والدولي شيئاً، وكذلك الحال فوز مصر لن يقلل من قيمة الجزائر ولن يطفئ قنديل شهدائها الذين أناروا لشعبهم طريق الحرية وأمد الشعوب المقهورة بطاقة الاقتداء بهم.
لعل اليافطة والمباراة تفرضان علينا التوقف عند دور وسائل الإعلام وحريتها، فلا يعقل أن تواصل التحريض وتسميم العلاقات الأخوية تحت مظلة حرية التعبير، فحرية التعبير ومصداقيتها لا تبنى على أنقاض الأخلاق والضمير، وإن كنا نبحث عن إعلام جريء وصادق فهذا لا يعني أن نترك أدواته على الغارب دون حسيب أو رقيب، لأن ما تهدمه في أيام يحتاج منا لسنوات لإعادة ترميمه.