القرضاوى : فتوى (الجدار) ليست سياسية
فلسطين اليوم- وكالات
أكد العلامة الدكتور يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين أن فتواه بحرمة بناء الجدار الفولاذى بين مصر وغزة ليست مجرد بيان سياسى، وقال: «دوافعى دوافع إسلامية محضة، لأن أهل غزَّة لا يُرجون ولا يُخشون، حتى يتقرب أحد إليهم من أجل دنيا»،
وأضاف أن إلقاء العباءة السياسية على الفتوى يمكن أن ينطبق أيضا على فتوى شيخ الأزهر ومن وافقه، و«ربما اتَّهم الناس مجمع البحوث بأنه أصدر فتواه بطلب من الحكومة أو لحسابها».
وتابع القرضاوى فى تصريحات خاصة لـ»الشروق» ــ ردا على الانتقادات التى وجهت إليه بسبب فتواه بتحريم بناء الجدار الفولاذى،والجدل الشديد حولها، وخصوصا بعد أن رد مجمع البحوث الاسلامية بفتوى مضادة بحل البناء ــ: «ولا يضيرنى أن أُفتى أو أخطب أو أُصدر بيانا فى قضية سياسية، لأن الشريعة حاكمة على جميع أفعال العباد الاختيارية، فلا يخرج فعل منها عن حكم شرعى، ولا يخرج السياسيون من الناس عن الحاجة إلى معرفة أعمالهم من حيث الحِلِّ والحرمة».
وأضاف: «لست أنا الوحيد الذى أفتى بحرمة بناء الجدار الفولاذى على الحدود بين مصر وغزَّة، فشاركنى كثيرون، منهم عدد كبير من علماء الأزهر، وجمعية العلماء بالجزائر، ورابطة علماء الشام، ورابطة علماء فلسطين، واتحاد علماء السودان، ورابطة علماء الخليج، إلى جانب الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين».
وقال: «حتى لو كنت وحدى لا يضرنى ذلك، لأن العبرة بالأدلة الشرعية، التى تؤيد الفتوى، وهى أدلة واضحة وضوح الشمس، تعتمد على القرآن والسنة والإجماع وأقوال علماء الأمة»،واشار القرضاوى إلى أن الفقهاء من كل المذاهب والمدارس مجمعون على أن العدو الكافر إذا احتل أرضا أو جزءا من أرض إسلامية، يجب على أهل الأرض أن يقاوموه،
ويجاهدوه حتى يطردوه، ويحرِروا أرضهم، فإذا عجز هؤلاء أو تقاعسوا وجب على جيرانهم الأقرب أن يساعدوهم أو يقوموا بدلا منهم بتحرير الأرض الإسلامية من احتلال الأعداء الكفَّار لها، فإن عجزوا أو جبنوا، انتقلت إلى من يليهم، حتى تشمل المسلمين كافَّة.
واعتبر القرضاوى دفاع مصر عن أهل غزة وفلسطين فرضا وواجبا شرعيا بإجماع الأمة، لأنها الجار الأدنى أو ذو القربى، مشيرا إلى أن الفلسطينيين بذلوا كل ما عندهم فى مقاومة المحتل، ولم يستطيعوا تحرير بلدهم وطرد الاحتلال الصهيونى من فلسطين عامة، ومن غزة خاصة، وتساءل: «فكيف يقف هذا الجار الأدنى ذو القربى الموقف المضاد تماما، ويعمل عملا لا يستفيد منه إلا المحتل، ولا يضر إلا الجار المسلم».
وانتقد الكثير من الباحثين والكتاب تجاهل الشيخ لمقتل الجندى المصرى الشهيد أحمد شعبان، لكن الشيخ أكد أنه لم يعلم بمقتل الجندى المصرى إلا بعد أيام من الواقعة، كما يقول، وأضاف: «لقد عاتبنى بعض إخوانى على أننى لم أتحدث عن الجندى بشىء،
ولكنى عرفت الخبر مؤخرا، وأنا قطعا أُدين وأحرم بشدة قتل الجندى البرىء، وأقدِّم خالص العزاء لأهله، واعتبره شهيدا عند الله، لأنه قتل مظلوما، وهو يدافع عن بلده، وأطالب المسئولين فى غزَّة بالتحقيق فى الحادث، ومحاكمة من تثبت عليه هذه الجريمة النكراء».
وفى سياق آخر، استنكر القرضاوى بقوة فى تصريحاته لـ«الشروق»مقتل الأقباط الستة فى نجع حمادى، وقال: «أنا أحرِم وأجرم وأؤثِّم وأستنكر بكل قوة هذه الجرائم البشعة، التى لا يُقدم عليها مسلم يعرف دينه، ويميز بين الحلال والحرام، ويخشى حساب الله يوم القيامة»،ودعا العلماء إلى القيام بدورهم فى توعية الجماهير المصرية المسلمة بخطورة هذه الجرائم، وأنها من أكبر الكبائر عند الله، كما أن لها تأثيرها السيئ على الوحدة الوطنية، وأضاف: «إن الإخوة الأقباط الكبار، مثل د. جورج إسحاق وغيره، يعرفون تماما موقفى من الأقباط، وإننى ضدَّ العصبية الجاهلية، والتعصُّب الأعمى، سواء صدر من مسلم أو من قبطى».
وعن علاقته بمحمود عباس الذى صرح مؤخرا بأن القرضاوى طالب برجمه فى مكة، مشيرا إلى أنه «عين القرضاوى فى قطر»، قال الشيخ: «أنا لست عدوا لمحمود عباس فى شخصه، ولا لأحد غيره، وأعتبر فلسطين بلدى وأهلها إخوتى، وقد عرفته منذ جئت إلى قطر بطلب من الشيخ عبدالله بن تركى وكان مسئولا عن العلوم الشرعية بوزارة المعارف، وكان محمود عباس مديرا لشئون الموظفين بالوزارة، وكان عباس أحد رجال حركة فتح فى قطر عند إنشائها وإن لم يكن أشهرهم».
وقد أوصيته قبل أن ينتخب رئيسا للسلطة وقلت له: يا أبا مازن، إياك والثوابت الفلسطينية، واحرص على وحدة الصف الفلسطينى، الله الله فى هذين الأمرين».
ويضيف العلامة القرضاوى: «أنا لم أصدر فتوى برجم الرئيس محمود، وإنما طالبت بلجنة تحقيق عربية إسلامية محايدة بعد الأنباء التى وردت ــ فى أكثر من صحيفة ووسيلة إعلام عربية لها احترامها ــ بأن هناك من الفلسطينيين، بل من قادتهم من طلب من باراك أن يضرب مخيمات الفلسطينيين، وأن يستمر فى الحرب على غزة، على الرغم مما يسببه ذلك من تدمير وقتل وتشريد.
فمن يطلب من عدوه أن يضرب أخاه وابن وطنه، وأن يقتل الأطفال والمدنيين والعزل، لخصومة بينه وبين فصيل فلسطينى آخر، ليس وطنيا، ولا عربيا، ولا يليق أن يحمل جنسية وطنه، ولا أن يكون مسئولا فى سلطته، ويجب أن يحقق فى مثل هذا،
وقلت: إن من يفعل هذا يستحق الرجم، وقد رجمت العرب قبل أن تعرف الإسلام قبر أبى رغال الذى خان دينه ووطنه، لأنه دل أبرهة وجيشه على الطريق إلى الكعبة ليهدمها، وهذا الذى قلته يجمع عليه العقلاء، على اختلاف دياناتهم وجنسياتهم