– فلسطين الإعلامية – ( كتب / عدنان أبو عامر) ماذا وراء صعود السلفية الجهادية في غزة؟سلط انفجار استهدف أحد الأعراس في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة الضوء من جديد على ظاهرة تطفو على السطح، ثم ما تلبث أن تخبو، تتمثل فيما بات يعرف في غزة بظاهرة 'جلجلت'؛ حيث أكد مصدر أمني فلسطيني أن الأجهزة الأمنية في غزة اعتقلت ثلاثة أشخاص من جماعة تتبنى فكر تنظيم القاعدة المعروف بـ'السلفية الجهادية'.
وقد قادت التحقيقات لمجموعة أخرى تحصنت في إحدى الشقق السكينة، وجرت محاصرتها بعد أن رفض أفرادها تسليم أنفسهم، وهددوا بتفجير أحزمة ناسفة معهم.
البدايات الأولى
'جلجلت' هو الاسم الشائع والدارج في أوساط الغزيين لمجموعات من الشباب المتدين يعلنون أنهم تابعون لـ'السلفية الجهادية'، وأحيانا 'أنصار السنة'، وتارة ثالثة 'أنصار جند الله'.
بدأت تنشط في قطاع غزة منذ ما يزيد عن العام، لكن وتيرتها ازدادت، واتسع فريق مناصريها، شيئا فشيئا في الآونة الأخيرة، لاسيما في ظل إعلانها المسئولية بشكل مباشر عن معظم عمليات تفجير مقاهي الإنترنت.
ومن اللافت أن الاسم الحقيقي لهذه المجموعات لم يظهر بعد، إذ إنهم ينتظرون تنفيذ عملية كبيرة لمبايعة أسامة بن لادن ومن وصفوهم بـ'المشايخ في الخارج'، ومن ثم الإعلان عن الاسم الحقيقي لهم، حسب ما صرح بذلك أحد أفرادهم في مقابلة مع صحيفة محلية مؤخرا.
ومن الأهمية بمكان تأكيد أن الحديث يدور حول نمو مجموعات محلية ذات عقيدة تتماشى مع روح 'الجهاد العالمي'، بحيث يستند ارتباطها بتنظيم 'القاعدة' إلى اعتمادها أفكار وطريق تنظيمات 'الجهاد العالمي' وخاصة تنظيم القاعدة.
وقد لوحظت خلال العامين الأخيرين ظاهرة تكوين مجموعات عشوائية تتألف من عناصر شابة انتمت في حينها، وربما ما زالت تنتمي، إلى بعض الأجنحة العسكرية لقوى المقاومة الفلسطينية.
علما بأن العقيدة التي تُعد حجر أساس لهذه الظاهرة تنطوي على مقومات جهادية وسلفية، تتمحور حول العودة إلى التراث الإسلامي، والسعي لإنشاء دولة إسلامية بواسطة حرب 'جهادية' جامحة.
التواصل مع القاعدة
وقد قامت مجموعات 'جلجلت' بتنفيذ عدد من العمليات المسلحة نالت في جانب منها قوات الاحتلال الصهيوني، بينما استهدفت في مواطن أخرى شخصيات سياسية غربية وأماكن فلسطينية، وفي هذا الإطار يمكن رصد عملية تفجير العبوات الناسفة بتاريخ 27 يناير (كانون الثاني) 2009؛ حيث تم وضع ثلاث عبوات ناسفة لاستهداف دورية تابعة للجيش الإسرائيلي كانت تتحرك على امتداد المحور المحاذي لقطاع غزة، مما أسفر عن مقتل جندي وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.
إلى جانب محاولتها استهداف موكبي 'كارتر وبلير' اللذين كانا في زيارتين منفصلتين إلى غزة.
فضلا عن تفجير العشرات من مقاهي الإنترنت في غزة التي تعتبرها تنشر الفساد والرذيلة في صفوف المراهقين.
ومجموعات 'جلجلت' لا يتوفر حتى اللحظة معلومات كافية عن عدد أفرادها وطبيعة منهجهم الفكري وأهدافهم المعلنة والسرية سوى بعض القصاصات المنتشرة هنا وهناك، وبعض ما يردده عناصرها في بعض دروسهم الدينية، ومنشوراتهم القليلة التي تقع بين أيدي الشبان في غزة.
وربما انتشر صيت هذه المجموعات بصورة خاصة بعد العملية الفدائية التي نفذها مسلحون مقربون منهم قبل شهر ضد دورية إسرائيلية شرق غزة، واستخدموا فيها للمرة الأولى الخيول المفخخة، رغم أنها كما تقول بعض المصادر تعمل وفق خلايا عنكبوتية منفصلة، لضمان أكبر قدر من السرية في العمل 'الجهادي'.
وتؤكد العودة إلى الوراء أن هذه المجموعات بدأت العمل في قطاع غزة منذ اللحظة التي قررت فيها حركة حماس الدخول في الانتخابات التشريعية بداية عام 2006، عبر إصدار بيان بعدم جواز هذه الانتخابات شرعا.
وتشير العديد من الأوراق المتناثرة لهذه المجموعات إلى تأثرهم الشديد بمن أسموهم 'المشايخ الكبار' الذين كانوا ينادون بالجهاد العالمي في الشيشان قبل أن ينتقلوا إلى أفغانستان والعراق، رغم أن البنية الأساسية لهم درست المنهج التربوي الأساسي لجماعة الإخوان المسلمين.
ويزعمون أن نواة مجموعات 'جلجلت' لم تجد دعوات الجهاد العالمي ضد الكفار في فكر ومنهج الإخوان المسلمين، الذين اقتصرت دعوتهم على محاربة ومقاومة الاحتلال القطري، لهذا ينظرون إلى حركة حماس كـ'حركة وطنية سياسية' تسعى للاشتراك في البرلمانات والمجالس التشريعية، أكثر من كونها 'حركة إسلامية' تسعى إلى تحكيم الشريعة.
الأمر الذي يبدو حديثا هذه المرة ما ذكره المسئول في مجموعات 'جلجلت' في إطار تلك المقابلة الصحفية النادرة حين قال: قادة عسكريون كبار انضموا إلى 'جلجلت'، لكنني أتحفظ عن ذكر أسمائهم، وانضم لنا أيضا قادة سياسيون وكفاءات أكاديمية وأساتذة جامعات ومسئولو مناطق'.
مع أن هذه معلومات ليس سهلا تأكيدها أو نفيها، في ضوء أن الشائع في أوساط عديدة في غزة أن المنتمين لهذه المجموعات هم من الشباب اليافعين، الذين يتحمسون لفكرة 'تطبيق الشريعة' ليس أكثر.
إلا أن الأمر الثابت الآن أن أفكار أفراد وقيادة 'جلجلت' قريبة بشكل كبير من أفكار القاعدة في الخارج، لكنهم حتى الآن ليسوا جزءا منها، ولم يبايعوا 'مشايخها' في الخارج، ولا تخفي 'جلجلت' في غزة إجراءها لمراسلات مع أحد رموز تنظيم القاعدة 'أبو الليث الليبي' قبل استشهاده في أفغانستان.
ومع ذلك، فلم تتبن القاعدة عملهم هذا حتى كتابة هذه السطور، وهم ينتظرون تنفيذ عمل جهادي كبير حتى يعلنوا انضواءهم تحت لواء تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، وإلى جانب هذا يؤكدون أن عقيدتهم وأفكارهم متشابهة مع القاعدة، وأنهم جاهزون لمبايعتها ومناصرتها إذا طلبت منهم هذا.
ووفقا للمعلومات الشحيحة، فإن عدد أفراد 'جلجلت' وفقا لبعض التقديرات يعد بالآلاف، موزعين في مناطق متعددة أهمها قطاع غزة والضفة الغربية وأراضي الداخل وسيناء، وتشير بعض المصادر إلى أن عددهم يصل تقريبا إلى سبعة آلاف، غالبيتهم من الشباب في فلسطين الذي بدأ يتبنى واقع الجهاد والمقاومة.
استهداف مختلف الجبهات
وقد شاع في قطاع غزة قبل أسابيع قليلة نبأ مفاده محاولة تفجير موكب الرئيس الأمريكي الأسبق 'جيمي كارتر'، ورئيس الوزراء البريطاني السابق 'توني بلير' اللذين زارا قطاع غزة، وتعتبرهما 'جلجلت' قادمين من بلاد تحارب المسلمين، خاصة أن 'بلير' موفد اللجنة الرباعية الدولية وكان رئيس حكومة، وممن حرضوا على الحرب في العراق وأفغانستان.
'جلجلت' كما تقول مصادرها لديها علاقات مع الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية الصغيرة، وهناك جهد لتوحيدها في مجموعة واحدة، خاصة بعد خطاب الشيخ 'أبو محمد المقدسي' الذي دعا المجموعات في فلسطين وغزة لتوحيد نفسها، وهذه المجموعات هي: جيش الإسلام، جيش الأمة، كتائب التوحيد والجهاد، جند أنصار الله، مجموعات 'جلجلت'.
وتعترف مجموعات 'جلجلت' بأنها تتحمل مسئولية هذه التفجيرات، وفقا لما جاء على لسان 'طالب'، أحد مسئوليها في غزة، في المقابلة الصحفية: لسنا مسئولين عن كل التفجيرات، وقبل التفجير يتم إسداء النصيحة لصاحب المكان المخالف الذي لديه 'مفسدة'، وتتم نصيحته عبر كتاب أو بيان أو دعوة لإزالة هذه المفسدة، وإن لم يزلها بعد عدة تحذيرات يتم تفجير المحل بعد الحصول على 'فتوى شرعية' بذلك، بحيث لا يتم إلحاق الأذى بالجيران وحياتهم، ونحرص على أن لا يتم المساس بحياته، بل فقط في مكان المفسدة'.
ورغم أن مجموعات 'جلجلت' تمتنع الآن عن تسمية زعيمها الأول في قطاع غزة، رغم أنه -كما تقول- من الشخصيات المحورية والمعروفة، والمشهود لها بالحق بين الناس، فإن هناك بعض الشخصيات المتداولة أسماؤها بين شبان غزة، أبرزهم: أبو محمد المقدسي، أبو عبد الله السوري، أبو قتادة الفلسطيني، وغيرهم.
حماس وجلجلت
يكتسب الحديث عن علاقة جلجلت بحركة حماس، كبرى القوى الإسلامية ومن تسيطر على قطاع غزة الآن، بعدا هاما، في ضوء أن المسوغ الأساسي لانطلاق هذه المجموعات هو دعوة حماس –كما يقولون- لأن تعود إلى منهج الجهاد، وتترك المنابر السياسية والتشريعية، وأن تحكم بالشريعة بدلا من القوانين الوضعية.
ووفقا لما يتردد من معلومات ومعطيات في غزة، فإن التحدي الذي يواجه حماس في هذه المرحلة أن هذه المجموعات تنطلق من خطاب إسلامي ديني، يجد صدى وقبولا في أوساط عديدة من قواعد حماس التنظيمية، الأمر الذي دفع بالحركة إلى إقامة جلسات فكرية ومحاورات فقهية ومناظرات دينية مع مروجي فكر 'جلجلت' حتى يتم وضع حد لتغلغل هذه الأفكار وإعادة استقطاب الشباب المنتمين إلى تلك الأفكار.
وإلى جانب الأسلوب الإقناعي ومحاججة الفكرة بالفكرة لجأت حكومة حماس في غزة أخيرا في ضوء تزايد حوادث التفجير إلى استخدام العصا الأمنية والملاحقة لعناصر في هذه المجموعات التي 'تخل بالأمن القومي'! وبالفعل فقد اعتقل عدد منهم، وأفرج عنهم لاحقا.
جزء أساسي من المتدينين في غزة يرون في الظاهرة امتدادا للقاعدة وأجنحتها المنتشرة في طول الوطن العربي وعرضه، وشماله وجنوبه، وجزء آخر يرى فيها 'تجميعا' لطاقات الشباب المتقد والمليء بطاقة المقاومة، ونظرا لظروف غزة المعقدة فليس من سبيل لتفريغ هذه الطاقة إلا في تنفيذ بعض الأعمال هنا وهناك غير المستندة إلى أصول وضوابط، كما يقول منتقدوها.
وقد قادت التحقيقات لمجموعة أخرى تحصنت في إحدى الشقق السكينة، وجرت محاصرتها بعد أن رفض أفرادها تسليم أنفسهم، وهددوا بتفجير أحزمة ناسفة معهم.
البدايات الأولى
'جلجلت' هو الاسم الشائع والدارج في أوساط الغزيين لمجموعات من الشباب المتدين يعلنون أنهم تابعون لـ'السلفية الجهادية'، وأحيانا 'أنصار السنة'، وتارة ثالثة 'أنصار جند الله'.
بدأت تنشط في قطاع غزة منذ ما يزيد عن العام، لكن وتيرتها ازدادت، واتسع فريق مناصريها، شيئا فشيئا في الآونة الأخيرة، لاسيما في ظل إعلانها المسئولية بشكل مباشر عن معظم عمليات تفجير مقاهي الإنترنت.
ومن اللافت أن الاسم الحقيقي لهذه المجموعات لم يظهر بعد، إذ إنهم ينتظرون تنفيذ عملية كبيرة لمبايعة أسامة بن لادن ومن وصفوهم بـ'المشايخ في الخارج'، ومن ثم الإعلان عن الاسم الحقيقي لهم، حسب ما صرح بذلك أحد أفرادهم في مقابلة مع صحيفة محلية مؤخرا.
ومن الأهمية بمكان تأكيد أن الحديث يدور حول نمو مجموعات محلية ذات عقيدة تتماشى مع روح 'الجهاد العالمي'، بحيث يستند ارتباطها بتنظيم 'القاعدة' إلى اعتمادها أفكار وطريق تنظيمات 'الجهاد العالمي' وخاصة تنظيم القاعدة.
وقد لوحظت خلال العامين الأخيرين ظاهرة تكوين مجموعات عشوائية تتألف من عناصر شابة انتمت في حينها، وربما ما زالت تنتمي، إلى بعض الأجنحة العسكرية لقوى المقاومة الفلسطينية.
علما بأن العقيدة التي تُعد حجر أساس لهذه الظاهرة تنطوي على مقومات جهادية وسلفية، تتمحور حول العودة إلى التراث الإسلامي، والسعي لإنشاء دولة إسلامية بواسطة حرب 'جهادية' جامحة.
التواصل مع القاعدة
وقد قامت مجموعات 'جلجلت' بتنفيذ عدد من العمليات المسلحة نالت في جانب منها قوات الاحتلال الصهيوني، بينما استهدفت في مواطن أخرى شخصيات سياسية غربية وأماكن فلسطينية، وفي هذا الإطار يمكن رصد عملية تفجير العبوات الناسفة بتاريخ 27 يناير (كانون الثاني) 2009؛ حيث تم وضع ثلاث عبوات ناسفة لاستهداف دورية تابعة للجيش الإسرائيلي كانت تتحرك على امتداد المحور المحاذي لقطاع غزة، مما أسفر عن مقتل جندي وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.
إلى جانب محاولتها استهداف موكبي 'كارتر وبلير' اللذين كانا في زيارتين منفصلتين إلى غزة.
فضلا عن تفجير العشرات من مقاهي الإنترنت في غزة التي تعتبرها تنشر الفساد والرذيلة في صفوف المراهقين.
ومجموعات 'جلجلت' لا يتوفر حتى اللحظة معلومات كافية عن عدد أفرادها وطبيعة منهجهم الفكري وأهدافهم المعلنة والسرية سوى بعض القصاصات المنتشرة هنا وهناك، وبعض ما يردده عناصرها في بعض دروسهم الدينية، ومنشوراتهم القليلة التي تقع بين أيدي الشبان في غزة.
وربما انتشر صيت هذه المجموعات بصورة خاصة بعد العملية الفدائية التي نفذها مسلحون مقربون منهم قبل شهر ضد دورية إسرائيلية شرق غزة، واستخدموا فيها للمرة الأولى الخيول المفخخة، رغم أنها كما تقول بعض المصادر تعمل وفق خلايا عنكبوتية منفصلة، لضمان أكبر قدر من السرية في العمل 'الجهادي'.
وتؤكد العودة إلى الوراء أن هذه المجموعات بدأت العمل في قطاع غزة منذ اللحظة التي قررت فيها حركة حماس الدخول في الانتخابات التشريعية بداية عام 2006، عبر إصدار بيان بعدم جواز هذه الانتخابات شرعا.
وتشير العديد من الأوراق المتناثرة لهذه المجموعات إلى تأثرهم الشديد بمن أسموهم 'المشايخ الكبار' الذين كانوا ينادون بالجهاد العالمي في الشيشان قبل أن ينتقلوا إلى أفغانستان والعراق، رغم أن البنية الأساسية لهم درست المنهج التربوي الأساسي لجماعة الإخوان المسلمين.
ويزعمون أن نواة مجموعات 'جلجلت' لم تجد دعوات الجهاد العالمي ضد الكفار في فكر ومنهج الإخوان المسلمين، الذين اقتصرت دعوتهم على محاربة ومقاومة الاحتلال القطري، لهذا ينظرون إلى حركة حماس كـ'حركة وطنية سياسية' تسعى للاشتراك في البرلمانات والمجالس التشريعية، أكثر من كونها 'حركة إسلامية' تسعى إلى تحكيم الشريعة.
الأمر الذي يبدو حديثا هذه المرة ما ذكره المسئول في مجموعات 'جلجلت' في إطار تلك المقابلة الصحفية النادرة حين قال: قادة عسكريون كبار انضموا إلى 'جلجلت'، لكنني أتحفظ عن ذكر أسمائهم، وانضم لنا أيضا قادة سياسيون وكفاءات أكاديمية وأساتذة جامعات ومسئولو مناطق'.
مع أن هذه معلومات ليس سهلا تأكيدها أو نفيها، في ضوء أن الشائع في أوساط عديدة في غزة أن المنتمين لهذه المجموعات هم من الشباب اليافعين، الذين يتحمسون لفكرة 'تطبيق الشريعة' ليس أكثر.
إلا أن الأمر الثابت الآن أن أفكار أفراد وقيادة 'جلجلت' قريبة بشكل كبير من أفكار القاعدة في الخارج، لكنهم حتى الآن ليسوا جزءا منها، ولم يبايعوا 'مشايخها' في الخارج، ولا تخفي 'جلجلت' في غزة إجراءها لمراسلات مع أحد رموز تنظيم القاعدة 'أبو الليث الليبي' قبل استشهاده في أفغانستان.
ومع ذلك، فلم تتبن القاعدة عملهم هذا حتى كتابة هذه السطور، وهم ينتظرون تنفيذ عمل جهادي كبير حتى يعلنوا انضواءهم تحت لواء تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، وإلى جانب هذا يؤكدون أن عقيدتهم وأفكارهم متشابهة مع القاعدة، وأنهم جاهزون لمبايعتها ومناصرتها إذا طلبت منهم هذا.
ووفقا للمعلومات الشحيحة، فإن عدد أفراد 'جلجلت' وفقا لبعض التقديرات يعد بالآلاف، موزعين في مناطق متعددة أهمها قطاع غزة والضفة الغربية وأراضي الداخل وسيناء، وتشير بعض المصادر إلى أن عددهم يصل تقريبا إلى سبعة آلاف، غالبيتهم من الشباب في فلسطين الذي بدأ يتبنى واقع الجهاد والمقاومة.
استهداف مختلف الجبهات
وقد شاع في قطاع غزة قبل أسابيع قليلة نبأ مفاده محاولة تفجير موكب الرئيس الأمريكي الأسبق 'جيمي كارتر'، ورئيس الوزراء البريطاني السابق 'توني بلير' اللذين زارا قطاع غزة، وتعتبرهما 'جلجلت' قادمين من بلاد تحارب المسلمين، خاصة أن 'بلير' موفد اللجنة الرباعية الدولية وكان رئيس حكومة، وممن حرضوا على الحرب في العراق وأفغانستان.
'جلجلت' كما تقول مصادرها لديها علاقات مع الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية الصغيرة، وهناك جهد لتوحيدها في مجموعة واحدة، خاصة بعد خطاب الشيخ 'أبو محمد المقدسي' الذي دعا المجموعات في فلسطين وغزة لتوحيد نفسها، وهذه المجموعات هي: جيش الإسلام، جيش الأمة، كتائب التوحيد والجهاد، جند أنصار الله، مجموعات 'جلجلت'.
وتعترف مجموعات 'جلجلت' بأنها تتحمل مسئولية هذه التفجيرات، وفقا لما جاء على لسان 'طالب'، أحد مسئوليها في غزة، في المقابلة الصحفية: لسنا مسئولين عن كل التفجيرات، وقبل التفجير يتم إسداء النصيحة لصاحب المكان المخالف الذي لديه 'مفسدة'، وتتم نصيحته عبر كتاب أو بيان أو دعوة لإزالة هذه المفسدة، وإن لم يزلها بعد عدة تحذيرات يتم تفجير المحل بعد الحصول على 'فتوى شرعية' بذلك، بحيث لا يتم إلحاق الأذى بالجيران وحياتهم، ونحرص على أن لا يتم المساس بحياته، بل فقط في مكان المفسدة'.
ورغم أن مجموعات 'جلجلت' تمتنع الآن عن تسمية زعيمها الأول في قطاع غزة، رغم أنه -كما تقول- من الشخصيات المحورية والمعروفة، والمشهود لها بالحق بين الناس، فإن هناك بعض الشخصيات المتداولة أسماؤها بين شبان غزة، أبرزهم: أبو محمد المقدسي، أبو عبد الله السوري، أبو قتادة الفلسطيني، وغيرهم.
حماس وجلجلت
يكتسب الحديث عن علاقة جلجلت بحركة حماس، كبرى القوى الإسلامية ومن تسيطر على قطاع غزة الآن، بعدا هاما، في ضوء أن المسوغ الأساسي لانطلاق هذه المجموعات هو دعوة حماس –كما يقولون- لأن تعود إلى منهج الجهاد، وتترك المنابر السياسية والتشريعية، وأن تحكم بالشريعة بدلا من القوانين الوضعية.
ووفقا لما يتردد من معلومات ومعطيات في غزة، فإن التحدي الذي يواجه حماس في هذه المرحلة أن هذه المجموعات تنطلق من خطاب إسلامي ديني، يجد صدى وقبولا في أوساط عديدة من قواعد حماس التنظيمية، الأمر الذي دفع بالحركة إلى إقامة جلسات فكرية ومحاورات فقهية ومناظرات دينية مع مروجي فكر 'جلجلت' حتى يتم وضع حد لتغلغل هذه الأفكار وإعادة استقطاب الشباب المنتمين إلى تلك الأفكار.
وإلى جانب الأسلوب الإقناعي ومحاججة الفكرة بالفكرة لجأت حكومة حماس في غزة أخيرا في ضوء تزايد حوادث التفجير إلى استخدام العصا الأمنية والملاحقة لعناصر في هذه المجموعات التي 'تخل بالأمن القومي'! وبالفعل فقد اعتقل عدد منهم، وأفرج عنهم لاحقا.
جزء أساسي من المتدينين في غزة يرون في الظاهرة امتدادا للقاعدة وأجنحتها المنتشرة في طول الوطن العربي وعرضه، وشماله وجنوبه، وجزء آخر يرى فيها 'تجميعا' لطاقات الشباب المتقد والمليء بطاقة المقاومة، ونظرا لظروف غزة المعقدة فليس من سبيل لتفريغ هذه الطاقة إلا في تنفيذ بعض الأعمال هنا وهناك غير المستندة إلى أصول وضوابط، كما يقول منتقدوها.