عادت أزمة نقص السيولة النقدية في عملة الشيكل للظهور بوتيرة أشد تفاقماً في أعقاب التغيرات الأخيرة التي شهدتها أسواق غزة، بعد أن سمحت سلطات الاحتلال بإدخال سلع جديدة إلى غزة، مبقية على وقف تعاملاتها مع البنوك العاملة فيها وامتناعها عن إدخال السيولة النقدية بالعملات الثلاث (الدولار والدينار والشيكل) إلى القطاع.
واعتبر مصرفيون وعاملون في مجال الصرافة أن السبب الأساس وراء نقص السيولة النقدية في عملة الشيكل يعود إلى اضطرار التجار إلى دفع ثمن البضائع والسلع التي سمح الاحتلال بدخولها، مؤخراً، نقداً إلى التاجر الإسرائيلي المورد لهذه السلع.
وأشار جورج سابا، مدير فرع بنك القاهرة عمان إلى أن البنك لم يتمكن بسبب نقص السيولة النقدية لديه كالبنوك الأخرى من دفع رواتب موظفي السلطة دفعة واحدة بسبب عدم توفر السيولة اللازمة لتغطية رواتب الموظفين المتعاملين لدى البنك.
وبيّن سابا في حديث لـصحيفة 'الأيام' أن الجانب الإسرائيلي امتنع منذ أكثر من عام عن تحويل مبالغ مالية إلى غزة، الأمر الذي أبقى على سيولة نقدية محدودة جداً بالكاد تفي بمتطلبات عمل البنوك والتزاماتها تجاه عملائها.
وأكد أن أزمة السيولة النقدية في العملات الثلاث ما زالت قائمة لدى كافة البنوك العاملة في قطاع غزة جراء القرار الإسرائيلي القاضي بوقف المعاملات المصرفية مع بنوك القطاع وامتناعه في الوقت ذاته عن إدخال النقد إلى القطاع، باستثناء مبالغ مالية محدودة تم إدخالها خلال فترات زمنية متباعدة كان آخرها قبل عدة أشهر.
ولفت سابا إلى أن فرع البنك تمكن الشهر الماضي من دفع رواتب الموظفين دفعة واحدة لكل موظف إلا أنه عقب التغيرات الأخيرة ازدادت حدة الأزمة تفاقماً إثر خروج السيولة النقدية المتوفرة في غزة إلى التجار الإسرائيليين موردي البضائع إلى غزة.
وشدد سابا على ضرورة أن تضطلع السلطة بمهمة توفير السيولة النقدية اللازمة لعمل البنوك ولحركة السوق المحلية وذلك عبر ممارسة الضغط اللازم على الجانب الإسرائيلي كي يقوم بتحويل السيولة النقدية اللازمة للقطاع.
ونوه إلى المعاناة التي تعرض لها البنك وسائر البنوك الأخرى العاملة في القطاع إثر هذه الأزمة التي أثارت استياءً شديداً لدى عملاء البنوك وعدم تفهمهم للأزمة التي تعاني منها البنوك.
من جهته، أشار ناصر الترك، أحد مالكي شركة مكة للصرافة إلى أن أزمة السيولة النقدية في عملة الشيكل أدت مؤخراً إلى حالة من تقلب أسعار صرف عملتي الدولار والدينار مقابل الشيكل، حيث كانت أسعار الصرف شبه متقاربة مع السعر الرسمي في مطلع الشهر الحالي، فيما شهد الأسبوع الأخير فروقاً عالية في أسعار الصرف مقابل السعر الرسمي المعمول به لدى البنوك بسبب عدم توفر السيولة النقدية في عملة الشيكل.
ولفت الترك إلى أن أزمة السيولة النقدية تشمل العملات الثلاث ولم تعد تقتصر على عدم توفرها فقط بل أصبحت السيولة النقدية من عملة الشيكل المحدودة والمتوفرة لدى محال الصرافة والبنوك مهترئة وغير صالحة للتداول، موضحا أن معاملات صرف العملات لدى شركته تراجعت بشكل ملحوظ خلال الأسبوعين الماضيين جراء السببين المذكورين.
إلى ذلك، يواجه مواطنو غزة أزمة شديدة في معاملاتهم المالية والتجارية حيث يواجه الغالبية العظمى منهم لدى قيامهم بالمشتريات اليومية مشكلة لدى أصحاب المحال التجارية الذين يفتقرون إلى توفر السيولة النقدية البسيطة 'الفكة' اللازمة لتنفيذ عمليات البيع والشراء، فضلاً عن مواجهة الطرفين مشكلة العملة المهترئة التي يرفض المواطن وصاحب المحل التجاري على حد سواء تلقيها.