<blockquote>
صفاتهم وزهدهم
التواضع
ترامى
الى سمع أبو عبيدة بن الجراح أحاديث الناس في الشام عنه ، وانبهارهم بأمير
الأمراء ، فجمعهم وخطب فيهم قائلا يا أيها الناس ، اني مسلم من قريش ،
وما منكم من أحد أحمر ولا أسود ، يفضلني بتقوى الا وددت أني في اهابه !!)
وعندما زار أمير المؤمنين عمر الشام سأل عن أخيه ، فقالوا له من ؟) قال
أبوعبيدة بن الجراح ) وأتى أبوعبيدة وعانقه أمير المؤمنين ثم صحبه الى
داره ، فلم يجد فيها من الأثاث شيئا ، الا سيفه وترسه ورحله ، فسأله عمر
وهو يبتسم ألا اتخذت لنفسك مثلما يصنع الناس ؟) فأجاب أبوعبيدة يا
أمير المؤمنين ، هذا يبلغني المقيل )
**************
الزهد
وعن
جُندب بن عبد الله البجلي قال : أتيت المدينة ابتغاء العلم ، فدخلت مسجد
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا الناس فيه حَلَقٌ يتحدّثون ، فجعلت
أمضي الحَلَقَ حتى أتيتُ حلقةً فيها رجل شاحبٌ عليه ثوبان كأنّما قـدم من
سفر فسمعته يقول هلك أصحاب العُقدة ورب الكعبة ، ولا آسى عليهم ) أحسبه
قال مراراً فجلست إليه فتحدّث بما قُضيَ له ثم قام ، فسألت عنه بعدما قام
قلت من هذا ؟) قالوا هذا سيد المسلمين أبي بن كعب ) فتبعته حتى أتى
منزله ، فإذا هو رثُّ المنزل رثُّ الهيئة ، فإذا هو رجل زاهد منقطعٌ يشبه
أمره بعضه بعضاً
**************
لقد كان سعيد بن عامر صاحب
عطاء وراتب كبير بحكم عمله و وظيفته ، ولكنه كان يأخذ ما يكفيه وزوجه
ويوزع الباقي على البيوت الفقيرة ، وقد قيل له توسع بهذا الفائض على
أهلك وأصهارك ) فأجاب ولماذا أهلي وأصهاري ؟ لا والله ما أنا ببائع رضا
الله بقرابة ) كما كان يجيب سائله ما أنا بالمتخلف عن الرعيل الأول ،
بعد أن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول يجمع الله عز وجل
الناس للحساب فيجيء فقراء المؤمنين يزفون كما تزف الحمام فيقال لهم : قفوا
للحساب فيقولون : ما كان لنا شيء نحاسب عليه فيقول الله : صدق عبادي
فيدخلون الجنة قبل الناس )
**************
هم سلمان الفارسي
-رضي الله عنه- ببناء بيتا فسأل البناء كيف ستبنيه ؟) وكان البناء ذكيا
يعرف زهد سلمان وورعه فأجاب قائلا لا تخف ، إنها بناية تستظل بها من
الحر ، وتسكن فيها من البرد ، إذا وقفت فيها أصابت رأسك ، وإذا اضطجعت
فيها أصابت رجلك ) فقال سلمان نعم ، هكذا فاصنع )
**************
جاءت
هدية لعبدالله بن عمر من أحد إخوانه القادمين من خُراسان حُلة ناعمة أنيقة
وقال له لقد جئتك بهذا الثوب من خراسان ، وإنه لتقر عيناي إذ أراك تنزع
عنك ثيابك الخشنة هذه ، وترتدي هذا الثـوب الجميل ) قال له ابـن عمر
أرِنيه إذن ) ثم لمسه وقال أحرير هذا ؟) قال صاحبه لا ، إنه قطن )
وتملاه عبد الله قليلا ، ثم دفعه بيمينه وهو يقول لا إني أخاف على نفسي
، أخاف أن يجعلني مختالا فخورا ، والله لا يحب كل مختال فخور )
**************
وأهداه
يوما صديق وعا مملوءاً ، وسأله ابن عمر ما هذا ؟) قال هذا دواء عظيم
جئتك به من العراق ) قال ابن عمر وماذا يُطَبِّب هذا الدواء ؟) قال
يهضم الطعام ) فابتسم ابن عمر وقال لصاحبه يهضم الطعام ؟ إني لم أشبع
من طعام قط منذ أربعين عاما ) لقد كان عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-
خائفا من أن يقال له يوم القيامة أَذْهَبتم طيّباتكم في حياتكم الدنيا
واستمتعتم بها ) كما كان يقول عن نفسه ما وضعت لَبِنَة على لَبِنَة ولا
غرست نخلة منذ توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) ويقول ميمون بن مهران
دخلت على ابن عمر ، فقوّمت كل شيء في بيتـه من فراش ولحاف وبساط ، ومن
كل شـيء فيه ، فما وجدتـه يساوي مائة درهم )
**************
الدعوة المجابة
عن
ابن عباس -رضي الله عنه- قال : قال عمر بن الخطاب اخرجوا بنا إلى أرض
قومنا ) قال : فخرجنا فكنت أنا وأبي بن كعب في مؤخَّر الناس ، فهاجت سحابة
، فقال أبيُّ اللهم اصرف عنّا أذاها ) فلحقناهم وقد ابتلّت رحالهم ،
فقال عمر أمَا أصابكم الذي أصابنا ؟) قلت إن أبا المنذر دعا الله
عزّ وجلّ أن يصرف عنّا أذاها ) فقال عمر ألا دعوتُمْ لنا معكم ؟!)
**************
كان
سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-إذا رمى عدوا أصابه وإذا دعا الله دعاء
أجابه ، وكان الصحابة يردون ذلك لدعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- له
اللهم سدد رميته ، وأجب دعوته ) ويروى أنه رأى رجلا يسب طلحة وعليا
والزبير فنهاه فلم ينته فقال له إذن أدعو عليك ) فقال الرجل أراك
تتهددني كأنك نبي !) فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين ثم رفع يديه قائلا
اللهم إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سب أقواما سبقت لهم منك الحسنى ، وأنه
قد أسخطك سبه إياهم ، فاجعله آية وعبرة ) فلم يمض غير وقت قصير حتى خرجت
من إحدى الدور ناقة نادّة لا يردها شيء ، حتى دخلت في زحام الناس ثم
اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها ، ومازالت تتخبطه حتى مات
**************
كان
سعيد بن زيد-رضي الله عنه- مُجاب الدعوة ، وقصته مشهورة مع أروى بنت أوس ،
فقد شكته الى مروان بن الحكم ، وادَّعت عليه أنّه غصب شيئاً من دارها ،
فقال اللهم إن كانت كاذبة فاعْمِ بصرها ، واقتلها في دارها ) فعميت ثم
تردّت في بئر دارها ، فكانت منيّتُها
**************
كان
عُقبة بن نافع مُجاب الدعوة فلمّا وجّه إلى افريقية عام ( 50 هـ ) ،
غازياً في عشرة آلاف من المسلمين ، فافتتحها واختطّ قيروانها ، وقد كان
موضعه بستاناً واسعاً ، لا ترام من السباع والحيات وغير ذلك من الدّواب ،
فدعا الله عليها ، فلم يبقَ فيها شيء مما كان فيها إلا خرج هارباً بإذن
الله ، فقد وقف و قال يا أهل الوادي ، إنّا حالون -إن شاء الله-
فاظعنوا ) ثلاث مرات ، قيل فما رأينا حجراً ولا شجراً ، إلا يخرج من
تحته دابّة حتى هبطن بطنَ الوادي ) ثم قال للناس انزلوا باسم الله )
فأسلم خلق كبير من البربر
**************
السخاء والجود
لقد
سميت أم المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها- بأم المساكين ومفزع
اليتامى وملجأ الأرامل ، وقد اكتسبت تلك المكانة بكثرة سخائها وعظيم جودها
، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لنسائه أسْرعكُنّ لحاقاً بي
أطوَلَكُنّ يداً ) تقول السيدة عائشة كنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا
بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نمدُّ أيدينا في الجدار نتطاول ،
فلم نَزَل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش ، ولم تكن بأطولنا ، فعرفنا
حينئذٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أراد طولَ اليدِ بالصدقة ،
وكانت زينب امرأةً صناعَ اليد ، فكانت تَدْبَغُ وتخرزُ وتتصدق به في سبيل
الله تعالى ) وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان عطاؤها اثني عشر
ألفاً ، لم تأخذه إلا عاماً واحداً ، فجعلت تقول اللهم لا يدركني هذا
المالُ من قابل ، فإنه فتنة ) ثم قسّمته في أهل رَحِمِها وفي أهل الحاجة ،
فبلغ عمر فقال هذه امرأة يُرادُ بها خيراً ) فوقف عليها وأرسل بالسلام
، وقال بلغني ما فرّقت ، فأرسل بألف درهم تستبقيها ) فسلكت به ذلك
المسلك
**************
كان سعد بن عبادة مشهوراً بالجود
والكرم هو وأبوه وجدّه وولدُهُ ، وكان لهم أطُمٌ -بيت مربع مسطح- يُنادَى
عليه كل يوم من أحبَّ الشّحْمَ واللحْمَ فليأتِ أطمَ دُليم بن حارثة )
**************
كان
سلمة بن الأكوع -رضي اللـه عنه-على جـوده المفيض أكثر ما يكون جـوداً إذا
سئل بوجه الله ، ولقد عرف الناس منه ذلك ، فإذا أرادوا أن يظفـروا منه
بشيء قالوا نسألك بوجه الله ) وكان يقول من لم يعط بوجه الله فبم
يعط ؟)
**************
لقد كان سلمان الفارسي-رضي الله عنه-
في كبره شيخا مهيبا ، يضفر الخوص ويجدله ، ويصنع منه أوعية ومكاتل ، ولقد
كان عطاؤه وفيرا بين أربعة آلاف و ستة آلاف في العام ، بيد أنه كان يوزعه
كله ويرفض أن ينال منه درهما ، ويقول أشتري خوصا بدرهم ، فأعمله ثم
أبيعه بثلاثة دراهم ، فأعيد درهما فيه ، و أنفق درهما على عيالي ، وأتصدق
بالثالث ، ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيت )
**************
كان صفوان بن أمية-رضي الله عنه- أحد المطعمين ، وكان يُقال له سِداد البطحاء )
**************
وكان
طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- من أثرى المسلمين ، وثروته كانت في خدمة
الدين ، فكلما أخرج منها الكثير ، أعاده الله اليه مضاعفا ، تقول زوجته
سعدى بنت عوف دخلت على طلحة يوما فرأيته مهموما ، فسألته : ما شأنك ؟
فقال : المال الذي عندي ، قد كثر حتى أهمني وأكربني و قلت له : ما عليك ،
اقسمه فقام ودعا الناس ، وأخذ يقسمه عليهم حتى ما بقي منه درهما ) وفي
احدى الأيام باع أرضا له بثمن عال ، فلما رأى المال أمامه فاضت عيناه من
الدمع وقال ان رجلا تبيـت هذه الأموال في بيته لا يـدري مايطرق من أمر
، لمغـرور بالله ) فدعا بعض أصحابه وحملوا المال معه ومضى في الشوارع
يوزعها حتى أسحر وما عنده منها درهما وكان -رضي الله عنه- من أكثر الناس
برا بأهله وأقاربه ، وكان يعولهم جميعا ، لقد قيل كان لا يدع أحدا من
بني تيم عائلا الا كفاه مئونته ، ومئونة عياله ) ( وكان يزوج أياماهم ،
ويخدم عائلهم ، ويقضي دين غارمهم ) ويقول السائب بن زيد صحبت طلحة بن
عبيد الله في السفر و الحضر فما وجدت أحدا ، أعم سخاء على الدرهم ، والثوب
، والطعام من طلحة )
**************
كان عبد الله بن عمر -رضي
الله عنه- من ذوي الدخول الرغيدة الحسنة ، إذ كان تاجراً أميناً ناجحاً ،
وكان راتبه من بيت مال المسلمين وفيرا ، ولكنه لم يدخر هذا العطاء لنفسه
قط ، إنما كان يرسله على الفقراء والمساكين والسائلين ، فقد رآه ( أيوب بن
وائل الراسبي ) وقد جاءه أربعة آلاف درهم وقطيفة ، وفي اليوم التالي رآه
في السوق يشتري لراحلته علفاً ديناً ، فذهب أيوب بن وائل الى أهل بيت عبد
الله وسألهم ، فأخبروه إنه لم يبت بالأمس حتى فرقها جميعا ، ثم أخذ
القطيفة وألقاها على ظهره و خرج ، ثم عاد وليست معه ، فسألناه عنها فقال
إنه وهبها لفقير ) فخرج ابن وائل يضرب كفا بكف ، حتى أتـى السوق وصاح
بالناس يا معشر التجار ، ما تصنعون بالدنيا ، وهذا ابن عمر تأتيه آلاف
الدراهم فيوزعها ، ثم يصبح فيستـدين علفاً لراحلته !!) كما كان عبـد الله
بن عمـر يلوم أبناءه حين يولمـون للأغنياء ولا يأتون معهم بالفقـراء ويقول
لهم تَدْعون الشِّباع وتَدَعون الجياع )
**************</blockquote>
صفاتهم وزهدهم
التواضع
ترامى
الى سمع أبو عبيدة بن الجراح أحاديث الناس في الشام عنه ، وانبهارهم بأمير
الأمراء ، فجمعهم وخطب فيهم قائلا يا أيها الناس ، اني مسلم من قريش ،
وما منكم من أحد أحمر ولا أسود ، يفضلني بتقوى الا وددت أني في اهابه !!)
وعندما زار أمير المؤمنين عمر الشام سأل عن أخيه ، فقالوا له من ؟) قال
أبوعبيدة بن الجراح ) وأتى أبوعبيدة وعانقه أمير المؤمنين ثم صحبه الى
داره ، فلم يجد فيها من الأثاث شيئا ، الا سيفه وترسه ورحله ، فسأله عمر
وهو يبتسم ألا اتخذت لنفسك مثلما يصنع الناس ؟) فأجاب أبوعبيدة يا
أمير المؤمنين ، هذا يبلغني المقيل )
**************
الزهد
وعن
جُندب بن عبد الله البجلي قال : أتيت المدينة ابتغاء العلم ، فدخلت مسجد
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا الناس فيه حَلَقٌ يتحدّثون ، فجعلت
أمضي الحَلَقَ حتى أتيتُ حلقةً فيها رجل شاحبٌ عليه ثوبان كأنّما قـدم من
سفر فسمعته يقول هلك أصحاب العُقدة ورب الكعبة ، ولا آسى عليهم ) أحسبه
قال مراراً فجلست إليه فتحدّث بما قُضيَ له ثم قام ، فسألت عنه بعدما قام
قلت من هذا ؟) قالوا هذا سيد المسلمين أبي بن كعب ) فتبعته حتى أتى
منزله ، فإذا هو رثُّ المنزل رثُّ الهيئة ، فإذا هو رجل زاهد منقطعٌ يشبه
أمره بعضه بعضاً
**************
لقد كان سعيد بن عامر صاحب
عطاء وراتب كبير بحكم عمله و وظيفته ، ولكنه كان يأخذ ما يكفيه وزوجه
ويوزع الباقي على البيوت الفقيرة ، وقد قيل له توسع بهذا الفائض على
أهلك وأصهارك ) فأجاب ولماذا أهلي وأصهاري ؟ لا والله ما أنا ببائع رضا
الله بقرابة ) كما كان يجيب سائله ما أنا بالمتخلف عن الرعيل الأول ،
بعد أن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول يجمع الله عز وجل
الناس للحساب فيجيء فقراء المؤمنين يزفون كما تزف الحمام فيقال لهم : قفوا
للحساب فيقولون : ما كان لنا شيء نحاسب عليه فيقول الله : صدق عبادي
فيدخلون الجنة قبل الناس )
**************
هم سلمان الفارسي
-رضي الله عنه- ببناء بيتا فسأل البناء كيف ستبنيه ؟) وكان البناء ذكيا
يعرف زهد سلمان وورعه فأجاب قائلا لا تخف ، إنها بناية تستظل بها من
الحر ، وتسكن فيها من البرد ، إذا وقفت فيها أصابت رأسك ، وإذا اضطجعت
فيها أصابت رجلك ) فقال سلمان نعم ، هكذا فاصنع )
**************
جاءت
هدية لعبدالله بن عمر من أحد إخوانه القادمين من خُراسان حُلة ناعمة أنيقة
وقال له لقد جئتك بهذا الثوب من خراسان ، وإنه لتقر عيناي إذ أراك تنزع
عنك ثيابك الخشنة هذه ، وترتدي هذا الثـوب الجميل ) قال له ابـن عمر
أرِنيه إذن ) ثم لمسه وقال أحرير هذا ؟) قال صاحبه لا ، إنه قطن )
وتملاه عبد الله قليلا ، ثم دفعه بيمينه وهو يقول لا إني أخاف على نفسي
، أخاف أن يجعلني مختالا فخورا ، والله لا يحب كل مختال فخور )
**************
وأهداه
يوما صديق وعا مملوءاً ، وسأله ابن عمر ما هذا ؟) قال هذا دواء عظيم
جئتك به من العراق ) قال ابن عمر وماذا يُطَبِّب هذا الدواء ؟) قال
يهضم الطعام ) فابتسم ابن عمر وقال لصاحبه يهضم الطعام ؟ إني لم أشبع
من طعام قط منذ أربعين عاما ) لقد كان عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-
خائفا من أن يقال له يوم القيامة أَذْهَبتم طيّباتكم في حياتكم الدنيا
واستمتعتم بها ) كما كان يقول عن نفسه ما وضعت لَبِنَة على لَبِنَة ولا
غرست نخلة منذ توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) ويقول ميمون بن مهران
دخلت على ابن عمر ، فقوّمت كل شيء في بيتـه من فراش ولحاف وبساط ، ومن
كل شـيء فيه ، فما وجدتـه يساوي مائة درهم )
**************
الدعوة المجابة
عن
ابن عباس -رضي الله عنه- قال : قال عمر بن الخطاب اخرجوا بنا إلى أرض
قومنا ) قال : فخرجنا فكنت أنا وأبي بن كعب في مؤخَّر الناس ، فهاجت سحابة
، فقال أبيُّ اللهم اصرف عنّا أذاها ) فلحقناهم وقد ابتلّت رحالهم ،
فقال عمر أمَا أصابكم الذي أصابنا ؟) قلت إن أبا المنذر دعا الله
عزّ وجلّ أن يصرف عنّا أذاها ) فقال عمر ألا دعوتُمْ لنا معكم ؟!)
**************
كان
سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-إذا رمى عدوا أصابه وإذا دعا الله دعاء
أجابه ، وكان الصحابة يردون ذلك لدعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- له
اللهم سدد رميته ، وأجب دعوته ) ويروى أنه رأى رجلا يسب طلحة وعليا
والزبير فنهاه فلم ينته فقال له إذن أدعو عليك ) فقال الرجل أراك
تتهددني كأنك نبي !) فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين ثم رفع يديه قائلا
اللهم إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سب أقواما سبقت لهم منك الحسنى ، وأنه
قد أسخطك سبه إياهم ، فاجعله آية وعبرة ) فلم يمض غير وقت قصير حتى خرجت
من إحدى الدور ناقة نادّة لا يردها شيء ، حتى دخلت في زحام الناس ثم
اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها ، ومازالت تتخبطه حتى مات
**************
كان
سعيد بن زيد-رضي الله عنه- مُجاب الدعوة ، وقصته مشهورة مع أروى بنت أوس ،
فقد شكته الى مروان بن الحكم ، وادَّعت عليه أنّه غصب شيئاً من دارها ،
فقال اللهم إن كانت كاذبة فاعْمِ بصرها ، واقتلها في دارها ) فعميت ثم
تردّت في بئر دارها ، فكانت منيّتُها
**************
كان
عُقبة بن نافع مُجاب الدعوة فلمّا وجّه إلى افريقية عام ( 50 هـ ) ،
غازياً في عشرة آلاف من المسلمين ، فافتتحها واختطّ قيروانها ، وقد كان
موضعه بستاناً واسعاً ، لا ترام من السباع والحيات وغير ذلك من الدّواب ،
فدعا الله عليها ، فلم يبقَ فيها شيء مما كان فيها إلا خرج هارباً بإذن
الله ، فقد وقف و قال يا أهل الوادي ، إنّا حالون -إن شاء الله-
فاظعنوا ) ثلاث مرات ، قيل فما رأينا حجراً ولا شجراً ، إلا يخرج من
تحته دابّة حتى هبطن بطنَ الوادي ) ثم قال للناس انزلوا باسم الله )
فأسلم خلق كبير من البربر
**************
السخاء والجود
لقد
سميت أم المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها- بأم المساكين ومفزع
اليتامى وملجأ الأرامل ، وقد اكتسبت تلك المكانة بكثرة سخائها وعظيم جودها
، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لنسائه أسْرعكُنّ لحاقاً بي
أطوَلَكُنّ يداً ) تقول السيدة عائشة كنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا
بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نمدُّ أيدينا في الجدار نتطاول ،
فلم نَزَل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش ، ولم تكن بأطولنا ، فعرفنا
حينئذٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أراد طولَ اليدِ بالصدقة ،
وكانت زينب امرأةً صناعَ اليد ، فكانت تَدْبَغُ وتخرزُ وتتصدق به في سبيل
الله تعالى ) وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان عطاؤها اثني عشر
ألفاً ، لم تأخذه إلا عاماً واحداً ، فجعلت تقول اللهم لا يدركني هذا
المالُ من قابل ، فإنه فتنة ) ثم قسّمته في أهل رَحِمِها وفي أهل الحاجة ،
فبلغ عمر فقال هذه امرأة يُرادُ بها خيراً ) فوقف عليها وأرسل بالسلام
، وقال بلغني ما فرّقت ، فأرسل بألف درهم تستبقيها ) فسلكت به ذلك
المسلك
**************
كان سعد بن عبادة مشهوراً بالجود
والكرم هو وأبوه وجدّه وولدُهُ ، وكان لهم أطُمٌ -بيت مربع مسطح- يُنادَى
عليه كل يوم من أحبَّ الشّحْمَ واللحْمَ فليأتِ أطمَ دُليم بن حارثة )
**************
كان
سلمة بن الأكوع -رضي اللـه عنه-على جـوده المفيض أكثر ما يكون جـوداً إذا
سئل بوجه الله ، ولقد عرف الناس منه ذلك ، فإذا أرادوا أن يظفـروا منه
بشيء قالوا نسألك بوجه الله ) وكان يقول من لم يعط بوجه الله فبم
يعط ؟)
**************
لقد كان سلمان الفارسي-رضي الله عنه-
في كبره شيخا مهيبا ، يضفر الخوص ويجدله ، ويصنع منه أوعية ومكاتل ، ولقد
كان عطاؤه وفيرا بين أربعة آلاف و ستة آلاف في العام ، بيد أنه كان يوزعه
كله ويرفض أن ينال منه درهما ، ويقول أشتري خوصا بدرهم ، فأعمله ثم
أبيعه بثلاثة دراهم ، فأعيد درهما فيه ، و أنفق درهما على عيالي ، وأتصدق
بالثالث ، ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيت )
**************
كان صفوان بن أمية-رضي الله عنه- أحد المطعمين ، وكان يُقال له سِداد البطحاء )
**************
وكان
طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- من أثرى المسلمين ، وثروته كانت في خدمة
الدين ، فكلما أخرج منها الكثير ، أعاده الله اليه مضاعفا ، تقول زوجته
سعدى بنت عوف دخلت على طلحة يوما فرأيته مهموما ، فسألته : ما شأنك ؟
فقال : المال الذي عندي ، قد كثر حتى أهمني وأكربني و قلت له : ما عليك ،
اقسمه فقام ودعا الناس ، وأخذ يقسمه عليهم حتى ما بقي منه درهما ) وفي
احدى الأيام باع أرضا له بثمن عال ، فلما رأى المال أمامه فاضت عيناه من
الدمع وقال ان رجلا تبيـت هذه الأموال في بيته لا يـدري مايطرق من أمر
، لمغـرور بالله ) فدعا بعض أصحابه وحملوا المال معه ومضى في الشوارع
يوزعها حتى أسحر وما عنده منها درهما وكان -رضي الله عنه- من أكثر الناس
برا بأهله وأقاربه ، وكان يعولهم جميعا ، لقد قيل كان لا يدع أحدا من
بني تيم عائلا الا كفاه مئونته ، ومئونة عياله ) ( وكان يزوج أياماهم ،
ويخدم عائلهم ، ويقضي دين غارمهم ) ويقول السائب بن زيد صحبت طلحة بن
عبيد الله في السفر و الحضر فما وجدت أحدا ، أعم سخاء على الدرهم ، والثوب
، والطعام من طلحة )
**************
كان عبد الله بن عمر -رضي
الله عنه- من ذوي الدخول الرغيدة الحسنة ، إذ كان تاجراً أميناً ناجحاً ،
وكان راتبه من بيت مال المسلمين وفيرا ، ولكنه لم يدخر هذا العطاء لنفسه
قط ، إنما كان يرسله على الفقراء والمساكين والسائلين ، فقد رآه ( أيوب بن
وائل الراسبي ) وقد جاءه أربعة آلاف درهم وقطيفة ، وفي اليوم التالي رآه
في السوق يشتري لراحلته علفاً ديناً ، فذهب أيوب بن وائل الى أهل بيت عبد
الله وسألهم ، فأخبروه إنه لم يبت بالأمس حتى فرقها جميعا ، ثم أخذ
القطيفة وألقاها على ظهره و خرج ، ثم عاد وليست معه ، فسألناه عنها فقال
إنه وهبها لفقير ) فخرج ابن وائل يضرب كفا بكف ، حتى أتـى السوق وصاح
بالناس يا معشر التجار ، ما تصنعون بالدنيا ، وهذا ابن عمر تأتيه آلاف
الدراهم فيوزعها ، ثم يصبح فيستـدين علفاً لراحلته !!) كما كان عبـد الله
بن عمـر يلوم أبناءه حين يولمـون للأغنياء ولا يأتون معهم بالفقـراء ويقول
لهم تَدْعون الشِّباع وتَدَعون الجياع )
**************</blockquote>