القصاص : غزة
قال الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948 إن لجوء السلطات الإسرائيلية إلى محاكمته في هذا الوقت بالذات، كان بهدف "تجريمي ومن ثم إدخالي إلى السجن، لإعاقة النشاطات والفعاليات المناصرة لقضية القدس والأقصى".
وأضاف رائد صلاح أن الاحتلال الإسرائيلي "لا يزال يطمع بفرض تقسيم المسجد الأقصى تقسيماً باطلاً بقوة السلاح، كما فرض مثل هذا التقسيم الباطل على المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل المحتلة، طامعاً من وراء ذلك في حساباته السوداء أن يحيل جانباً من ساحات المسجد الأقصى ومبانيه إلى كنس يهودية كهدف مؤقت في هذه الحسابات السوداء، وحالِماً أن يفرض بعد ذلك بناء هيكل أسطوري مزعوم كذاب على حساب المسجد الأقصى".
المتحف الإسلامي في دائرة الاستهداف
وأشار الشيخ صلاح إلى أن "هناك الكثير من القرائن الخطيرة التي تؤكد ما أقول؛ حيث أن هناك مخططاً احتلاليا إسرائيليا يهدف في الأيام القادمات إلى تفريغ مصلى المتحف الإسلامي من محتوياته، ثم تحويل هذا المصلى - الذي هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى- إلى كنيس يهودي".
وكشف الشيخ صلاح، في مقابلة خاصة مع "قدس برس"، النقاب عن أنه "يوجد تحت مصلى المتحف الإسلامي، الذي يقع في الزاوية الغربية الجنوبية من المسجد الأقصى، مصلى شبيه بالمصلى المرواني"، مشدداً على أن هناك حاجة ملحة لفتح هذا المصلى للصلاة أسوة بباقي مصليات المسجد الأقصى، التي تقع فوق أرض المسجد الأقصى أو تحته، وريثما يتم ذلك فهناك حاجة ملحة ومستعجلة لأن تقوم هيئة الأوقاف بالاطمئنان على سلامة هذا المصلى، وعدم وجود اختراقات له بواسطة الأنفاق التي حفرها الاحتلال الإسرائيلي تحت المسجد الأقصى".
هدم القصور الأموية
وقال صلاح: "إن ما يؤكد نوايا سلطات الاحتلال، تجاه المصلى المرواني، هو قيام الاحتلال يوم الثلاثاء الموافق 22\12\2009 بهدم جانب من القصور الأموية الملاصقة لجانب من الحائط الجنوبي للمسجد الأقصى، وعلى وجه التحديد تلك الملاصقة للحائط الجنوبي للمصلى المرواني، حيث أنه من المعروف أن المصلى المرواني يقع تحت أرض المسجد الأقصى في الزاوية الشرقية الجنوبية، وللمصلى باب ثلاثي مغلق يقع في حائطه الجنوبي، ومن المعروف أن الاحتلال الإسرائيلي لم يُخفِ طمعه في الماضي بتحويل المصلى المرواني إلى كنيس يهودي، وصرح بهذا الطمع الأسود في مذكرة عبرية قامت مؤسسة الأقصى بالكشف عنها عام 2007، حيث قامت المؤسسة مشكورة بترجمتها إلى العربية، ثم قامت بتوزيعها على آلاف العناوين محلياً ودولياً، وهي مذكرة تحمل عنوان "القدس أولاً"، وكنت قد كتبت عنها سلسلة مقالات في الماضي، وإنّ كل من يقرأ هذه المذكرة المشؤومة يجد أنها تتحدث بصراحة عن نية الاحتلال الإسرائيلي تحويل المصلى المرواني إلى كنيس يهودي".
وحذر الشيخ صلاح من أن الاحتلال الإسرائيلي "يطمع بإزالة هذه القصور الأموية ثم تبليط ساحة واسعة على أنقاضها تمتد ملاصقة لحائط المصلى المرواني الجنوبي، ثم يطمع بعد ذلك بهدم الباب الثلاثي المغلق الواقع في حائط المصلى المرواني الجنوبي، وبذلك يسهل عليه، وفق مخططاته المشؤومة وأحلامه السوداء تحويل المصلى المرواني إلى كنيس يهودي واتخاذ الباب الثلاثي المغلق -بعد هدمه- مدخلاً خاصاً للمجتمع الإسرائيلي، يقومون من خلاله بمواصلة اقتحام المصلى المرواني يومياً وأداء طقوسهم التلمودية فيه يومياً".
ويضيف: "إلى جانب كل ما ذكرت؛ فإن الاحتلال الإسرائيلي يفرض بقوة السلاح خلال هذه الأيام بناء كنيس يهودي قريب جداً من حائط البراق، الذي هو جزء لا يتجزأ من حائط المسجد الأقصى الغربي، وقد أطلق الاحتلال الإسرائيلي على هذا الكنيس اسم (كنيس الخراب)، وأعلن الاحتلال الإسرائيلي سلفاً أنه سيقوم بافتتاح هذا الكنيس بتاريخ 16\3\2010، أي بعد ثلاثة أشهر، كما وأعلنت بعض أذرع الاحتلال الإسرائيلي أنّ افتتاح كنيس الخراب سيكون في حساباتهم بمثابة الشروع الفعلي لبناء الهيكل المزعوم الأسطوري الكذاب، أي أن تاريخ 16/3/2010 سيكون بداية الشروع الفعلي ببناء هذا الهيكل في حسابات هذه الأذرع من الاحتلال الإسرائيلي.
أنفاق عملاقة
وأشار الشيخ صلاح إلى أنه كانت هناك محاولات أولية من قبل الاحتلال الإسرائيلي لحفر نفق طويل يمتد من باب العامود حتى حائط البراق من جهة أولى، وحتى باب خان الزيت من جهة ثانية، وأن بعض الثقات العقلاء من أهلنا في القدس، والذين وصلوا إلى موقع بداية الحفريات ونظروا في أعينهم، رأوا أن هناك أنفاقاً عملاقة قد باتت محفورة أصلاً في تلك المنطقة، وقد تسببت هذه الحفريات بانهيار بعض البيوت ، كما لحقت تصدعات بعدد كبير من البيوت التي تقع كلها في القدس القديمة.
وأضاف أنه في حال واصل الاحتلال الإسرائيلي حفر هذه الأنفاق، وفق ذاك المخطط، من باب العامود حتى حائط البراق ومن باب العامود حتى خان الزيت، وكلها تقع في القدس القديمة، "فسيكون بمثابة الدمار الذي سيقع على عدد كبير من بيوت القدس القديمة، وسيكون بمثابة الدمار الاقتصادي للحركة التجارية في أسواق القدس القديمة، وقد يكون ذلك في مخططات الاحتلال الإسرائيلي عن سبق إصرار بهدف تفريغ أسواق القدس القديمة من أهلها كجزء من طمع الاحتلال الإسرائيلي لتفريغ كل القدس القديمة من أي وجود لأهلنا فيها".
ورأى أن ما يشير إلى ذلك "وجود مخطط احتلالي إسرائيلي يدعو إلى تفريغ كل القدس القديمة من أي وجود لأهلنا فيها حتى عام 2020، بالإضافة إلى وجود مخطط آخر يدعو إلى تفريغ كل القدس بكل حاراتها ومساحاتها من أي وجودٍ لأهلنا فيها حتى عام 2020، وهذا يعني تلقائياً بناء أحزمة استيطانية حول كل المسجد الأقصى كالطوق حول المعصم، وبناء حزام من الكنس اليهودية حول كل المسجد الأقصى من كل الجهات، وبناء حزام من المباني العسكرية الاحتلالية حول كل المسجد الأقصى، وخنق المسجد الأقصى بهذه الأحزمة من المستوطنات والكنس اليهودية والمباني العسكرية الاحتلالية، وفرض قطيعة بالكامل بين المسجد الأقصى من جهة وأهلنا في القدس المباركة وأهلنا في الداخل الفلسطيني من جهة أخرى، بعد أن استكمل الاحتلال الإسرائيلي اليوم فرض هذه القطيعة بالكامل بين المسجد الأقصى من جهة والضفة الغربية وقطاع غزة من جهة أخرى.
نتنياهو باشر فعلياً في بناء الهيكل
ونبّه الشيخ صلاح من أن يغيب عن بالنا أن رئيس الحكومة الإسرائيلية اليوم هو بنيامين نتنياهو، وهو الذي حاول أن يباشر فعلياً في فترة رئاسته الأولى بناء الهيكل، وهذا يعني أنه لا يزال يحمل هذه القابلية للمباشرة الفعلية ببناء الهيكل في هذه الفترة الثانية من رئاسته، التي قد لا تعود له في المستقبل، ولذلك فإن كل المخاطر اجتمعت اليوم على القدس والمسجد الأقصى المحتلـَّيْن في أخطر حقبة لأخطر رئاسة حكومة إسرائيلية، وفي أخطر تغول للاحتلال الإسرائيلي على صعيد القدس والمسجد الأقصى المحتلـَّيْن، وعلى صعيد الضفة الغربية وقطاع غزة.
تغيير الخطاب السياسي العربي والإسلامي
وطالب رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين 48 العالم الإسلامي والعربي بتغيير خطابه السياسي الرسمي حول القدس والأقصى المحتلـَّيْن فوراً، "حيث لم يعد ينفع القدس والأقصى المحتلـَّيْن ذاك الخطاب السياسي التقليدي القديم الذي كان يتعامل فيه العالم الإسلامي والعربي مع القدس والأقصى المحتلـَّيْن وكأنها قضية فلسطينية، وكأن الشعب الفلسطيني هو المطالب الوحيد بنصرتهما، وكأن العالم الإسلامي والعربي مطالب بدور الدعم والتأييد من بعيد فقط، وكأنه مطالب بدور الإغاثة والنصرة والتعاطف بالكلمة والتبرعات المالية فقط، وكأنه مطالب بدور الوسيط فقط، لعلّ الاحتلال الإسرائيلي يوافق على وقف الاستيطان في القدس المحتلة".
وقال: "لعلّ الاحتلال الاسرائيلي يوافق على إدخال قضية القدس في دائرة المفاوضات التي ولدت ميتة أصلاً، ولذلك أقول بئس هذا الدور الذي قد آن الانقلاب عليه فوراً، وبئس هذا الخطاب السياسي التقليدي القديم الذي قد آن شطبه فوراً وتبني الخطاب السياسي الحق فوراً، وإلا فليعلم العالم الإسلامي والعربي أنه إن ظل متمسكاً بهذا الدور التقليدي القديم وبهذا الخطاب السياسي التقليدي القديم ممنياً نفسه وظاناً -وهماً وخداعاً وهروباً من الواجب- أنّ الشعب الفلسطيني يملك لوحده القدرة الذاتية أن ينتصر لوحده للقدس والأقصى المحتلـَّيْن".
الشعب الفلسطيني لن يستطيع لوحده تحرير القدس
وتابع رائد صلاح حديثه قائلاً: "إذا ظل العالم الإسلامي والعربي مضبوعاً بهذا الدور وهذا الخطاب وهذا الوَهْم؛ فليعلم أن القدس والأقصى المحتلـَّيْن سيضيعان تدريجياً، وسيجد العالم الإسلامي والعربي نفسه بعد برهة من الزمن بلا قدس ولا أقصى، لأن الحقيقة المرة تقول إن الشعب الفلسطيني بكل إمكانياته المحاصرة أصلاً والمطاردة أصلاً والمرصودة أصلاً لن يستطيع لوحده في يوم من الأيام أن يخلص القدس والأقصى المحتلـَّيْن، ولذلك على العالم الإسلامي والعربي أن يعلم أنه إذا ظل على ذلك، من حيث يقصد أو لا يقصد؛ فإنه يرضى بضياع القدس والأقصى المحتلـَّيْن سلفاً، إلا إذا بادر العالم الإسلامي والعربي فوراً إلى إحداث انقلاب في دوره وخطابه تجاه القدس والأقصى المحتلـَّيْن، البارحة قبل اليوم واليوم قبل الغد".
وطالب الشيخ صلاح العالم الإسلامي والعربي بأن يطلق خطاباً سياسياً رسمياً يقول فيه: إن القدس والأقصى المحتلـَّيْن هما قضية إسلامية عربية بكل ما تعني الكلمة من معنى، وليسا قضية فلسطينية فقط، وهذا يعني أن الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي يحتل فيه القدس والأقصى فهو يحتل كل الشعوب المسلمة والعربية والشعب الفلسطيني سواء بسواء، وأن كلَّ الدول المسلمة والعربية منقوصة ُالاستقلال والسيادة ما دامت القدس والأقصى محتلـَّيْن، ولن يكتمل استقلال هذه الدول المسلمة والعربية ولا سيادتها ولن يكتمل استقلال عواصمها وحكامها وحكوماتها وشعوبها ولا سيادتها ما دامت القدس والأقصى تحت الاحتلال الإسرائيلي، وستبقى كلُّ الدول المسلمة والعربية محتلٌّ فيها أثمن ما فيها، ما دامت القدس والأقصى تحت الاحتلال الإسرائيلي، وستبقى أعلام كل الدول المسلمة والعربية منكسة في كل مباني حكوماتها وقصور ضيافاتها ما دامت القدس والأقصى تحت الاحتلال الإسرائيلي".
احتلال الأقصى عار على كل مسلم
وقال صلاح: "إن الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي يَحتل فيه القدس والأقصى؛ فهو يعلن حرباً على كل العالم الإسلامي والعربي على صعيد حكامه وحكوماته وشعوبه، وهو بذلك يعتدي عدواناً مباشراً على كل شبر أرض من العالم الإسلامي والعربي وعلى كل فرد في العالم الإسلامي والعربي على صعيد حكامه وحكوماته وشعوبه، وهذا يعني أن الاحتلال الإسرائيلي اليوم يعلن حرباً على مليار ونصف مليار مسلم وعربي ويعتدي اليوم اعتداءً مباشراً على مليار ونصف مليار مسلم وعربي بما في ذلك كل الشعب الفلسطيني".
وأضاف إن احتلال القدس والأقصى هو "عار على كل مسلم في العالم على صعيد الحكام والحكومات والشعوب، ولن يُمسح هذا العار إلا إذا زال الاحتلال الإسرائيلي عن القدس والأقصى المحتلـَّيْن"، كما قال.